أسرار العلاقة بين الجيش المصري وأهل غزة

أسرار العلاقة بين الجيش المصري وأهل غزة
محمد صالح المسفر|
الفلسطينيون ضحايا خلافات القادة العرب |

عبر التاريخ والشعب الفلسطيني يتعرض للأذى والأذية ولم ينعم هذا الشعب بالهدوء والأمن والاستقرار إلا في حقبة قصيرة من الزمان. لا يمكن اختصار تاريخ معاناة الشعب الفلسطيني في مقالة أسبوعية، ولكني أقول إن تاريخ فلسطين ومعاناة ذلك الشعب المرابط إلى يوم الدين مرتبطا بمحيطه العربي. " في عام 1099 كان الوطن العربي وعلى وجه التحديد في مصر والشام والعراق يعيش فترة رهيبة من التمزق والفوضى والشحناء والبغضاء وكان الخلفاء والملوك والأمراء يصارع بعضهم بعضا بالدسائس والمكايد تارة والحروب تارة أخرى والشعب العربي في فلسطين هو الضحية في النهاية. " لقد أطل ذلك العام الرهيب ليشهد خلافة عباسية في بغداد، وخلافة فاطمية في القاهرة، وإمارات عربية شتى في ديار الشام. وما أشبه الليلة بالبارحة هذه الشام تسبح في دماء أبنائها من أجل أن يبقي " ملك " الشام بشار الأسد حاكما على بلاد الشام يعاونه الفرس والروس وجحافل الطائفية الحاقدة أسوة بملك الشام رضوان الذي تم احتلال بلاد الشام وبيت المقدس في عهده المنهار بمعاونة الفرنجة الذين استعان بهم لتوطيد حكمة.وهذه مصر غير مستقرة تتناهبها الأهواء والمطامع والشر يحيط بها من بعض أهلها وآخرين خارج حدودها، وهذه بغداد ترزح تحت الاحتلال الفارسي.

(2)

ما دفعني لاستدعاء هذا التاريخ الحزين لامتنا العربية هو ما يتعرض له الشعب الفلسطيني اليوم. ففي تاريخنا الحديث يتعرض الشعب الفلسطيني لحرب تشويه وكراهية، وحرب إبادة إما قتلا أو تهجيرا من فلسطين والفاعل إلى الجانب الصهيوني بعض أبناء فلسطين في " الأسلطة " يناصرهم بعض حكام العرب بطريقة أو أخرى.الفلسطيني ينفى من فلسطين بموافقة ما يسمى " السلطة الفلسطينية " وصمت عربي إلى أصقاع الدنيا وصل بعضهم تهجيرا قسرا إلى أمريكا اللاتينية وآخرين إلى أوروبا أو أستراليا ونيوزيلاند وغيرها من أصقاع الدنيا إلا البلاد العربية الأولى بهم.

(3)

الفلسطينيون كان لهم اليد الطولى دفاعا عن مصر وأمنها عبر التاريخ ففي حروب الأعوام الستة (1163 ـــ 1169) قام الإفرنج بخمس حملات على مصر تصدى لهم الفلسطينيون بكل قواهم قبل وصولهم إلى مصر دفاعا عن مصر وفلسطين ولكنهم غلبوا على أمرهم حتى وصل الفرنجة إلى مصر عبر سيناء واحتلوها. وفي التاريخ الحديث كان سند جيش مصر في حرب 1948 هم الفلسطينيون وعلى وجه الخصوص أهل غزة وما جاورها من قرى ومدن وبادية فلسطينية، وفي حرب 1956 كان أهل غزة حطب تلك الحرب دفاعا عن فلسطين وعن مصر العزيزة وكان معظم العمليات العسكرية خلف خطوط العدو يقوم بها وينفذها الفدائيون الفلسطينيون بالتعاون مع جيش مصر. في حرب الأيام الستة 1967 قدم أهل غزة الدم الفلسطيني فداء لمصر ودفاعا عنها. كان المستهدف من تلك الحرب إضعاف مصر وكسر شوكتها ودفع الفلسطينيون أهل غزة زهرة شبابهم من أجل مصر وكانت الحكومة المصرية هي التي تدير قطاع غزة وتعلم علم اليقين ما قدم أهل غزة لجيش مصر.

(3)

السؤال الذي يطرح نفسه على القوى المهيمنة على الإعلام والنخب السياسية في مصر ثورة 25 يناير، لماذا هذا العداء الشرس والحملات الظالمة على أهل غزة تشويها للصورة لدى الشعب المصري عن الفلسطينيين. هذه الحملة البغيضة التي ورّثها أنور السادات للنظام الذي ورث حكمه. لماذا يحاصر الفلسطينيون إلى حد تجويع وموت المرضى على الحدود من قبل إسرائيل ومصر على حد سواء، أتفهم موقف إسرائيل كعدو يريد الفناء لكل الفلسطينيين وحتى العملاء منهم، ولكني لا أتفهم موقف أهلنا في مصر العزيزة.

إنها حملة ظالمة لا يستحقها شعب فلسطين وأهل غزة على وجه التحديد. يقولون في وسائل الإعلام المتوحش ضد أهل غزة وإدارتهم حركة حماس أن حراس الرئيس المصري السابق محمد مرسي كلهم من حماس، في تقديري هذه المعلومة إهانة لمصر وجيشها وحرسها الجمهوري بمعنى ألا يثق أحدهم في حراسة جند مصر؟ لكنهم أي الإعلام لم يذكر أن كبار حراس حسني مبارك كانوا من الأمريكيين وليسوا عربا. يقول الإعلام المصري إن ما يجري في سيناء من أحداث ضد النظام أنه بفعل من الجناح العسكري لحركة حماس وتناسوا أن الظلم والتهميش والقهر والحرمان الذي يعانيه أهل سيناء هو سبب تلك الحوادث وأنها هناك من قبل استلام حركة حماس لقطاع غزة نتيجة لانتخابات حرة ونزيهة. فلماذا التجني يا أحرار مصر وحماتها. ألا تعلمون أن أمن مصر يمر عبر فلسطين وذلك ما قال به الجغرافي المصري جمال حمدان رحمه الله؟ ألا تعلمون أن استعداء شعب فلسطين القابعين تحت الحصار الظالم من كل الجهات يضر بأمن مصر في المدى القريب والبعيد؟ يقول الإعلام المصري إن حركة حماس انقضت على السجون المصرية في أيام ثورة 25 يناير وأطلقت سراح السجناء من كوادر حماس وحزب الله والإخوان المسلمين بمن فيهم الرئيس السابق محمد مرسي والقول كما قالت العرب " إذا حدّث العاقل بما لا يليق فصدق فلا عقل له " السؤال، هل حركة حماس تمثل دولة عظمى لها كوماندوز وتعلم حق العلم بما في سجون مصر، ولديها طيارات حوامة لإنزال الكوماندوز وتحرير المعتقلين في السجون المصرية، يقول إعلام الأزمات في مصر هذه الأيام أن البترول والغاز والديزل كانت تستولي عليه حماس في غزة بالتعاون مع الإخوان المسلمين في القاهرة وتهربه إلى تركيا لتكسب الثمن غاليا. يا للهول من هذه الفرية!!، هل شعب مصر مغفل إلى هذا الحد ليصدق هذه الفرية؟ ألا يعلم أن غزة محاصرة برا وبحرا وجوا من كل الجهات.

يا للهول من تزوير الحقائق!!

آخر القول: من المحزن أن الشعب الفلسطيني يدفع الثمن لكل حروب الحكام العرب وخلافاتهم. فهل من نهاية؟!!

تعليقات